top of page

التنمية المهنية للمعلمين فرصة ذهبية

edubasaer


يرفض الكثير من المعلمين في وطننا العربي الانخراط في برامج التنمية المهنية، ويُبدُون عدم رغبتهم بالخضوع لدورات في المجالات التربوية المختلفة، التي تعتبر من جوهر ولب عملهم. ويُرجع الكثيرون ذلك لعدة أسباب؛ تنقسم بمجملها إلى قسمين؛ أسباب داخلية وأسباب خارجية. أما الداخلية فيعتقد البعض أنهم لا يحتاجون لتلك الدورات لأنها مكررة ولا تواكب التطور المعرفي والتكنولوجي المتسارع. ويعتقد آخرون أن علوم التربية المتمثلة في أساليب التدريس والنظريات التربوية ليست بتلك الأهمية، فالمهم بالنسبة لهم مجالهم التخصصي الدقيق، فعلم اللغويات أو الآداب أو الرياضيات تغنيهم عن مواضيع البيداغوجيا، فلابد أن يغير المعلمون من توجهاتهم وأفكارهم الداخلية وأن يتجهوا اتجاهات إيجابية من شأنها تطويرهم وبالتالي تمكنهم من النجاح.

 

أما القسم الخارجي من الأسباب يتمثل في ارتفاع أسعار الدورات والبرامج التي تأهل المعلمين؛ مثل برامج الدبلوم التربوي والذي يعتبر الحصول عليه شرطاً لوظيفة "معلم" في الكثير من المؤسسات التربوية. مثل هذه البرامج يجب أن تكون مجانية أو بأسعار رمزية لتشجيع المعلمين على تنمية مهاراتهم التربوية وبلا شك سيكون لذلك أثر طيب على جودة التعليم في وطننا العربي.

 

لذلك وجب على القادة التربويين توجيه المعلمين نحو التنمية المهنية والوقوف على المستجدات والتطورات وتمكين المعلمين من تجاوز التحديات الصفية المختلفة. وبكل تأكيد فإن بناء المعلم ينعكس بشكل ايجابي على المجتمع، من خلال بناء أجيال قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة في شتى المجالات.

 

تُظهر بعض الدراسات أن برامج التنمية المهنية يمكن أن لا تلبي الأهداف المرجوة منها، لذلك يجب أن تكون برامج التنمية المهنية أكثر احترافية من خلال تحديد الاحتياجات مع الأخذ بعين الاعتبار البيئة المختلفة للمعلمين والتي تتناسب مع السياسات المختلفة للمؤسسات التربوية.

 

التنمية المهنية للمعلمين فرصة ذهبية لتأطير العملية التعليمية بجو من الايجابية وتبادل الخبرات الجديدة، والممارسات التربوية الحديثة.

 

إن التنمية المهنية المأمولة التي تجمع بين النظرية والتطبيق والفلسفة والواقع، من خلال "التعلم التأملي" من قِبَل العاملين في السلك التعليمي، تسلط الضوء على الكثير من المواقف الصفية من منظور مختلف، ذلك المنظور النقدي التطوري الذي يسعى نحو التحسين ورفع جودة التعليم، وهذا المنظور يمكِّن التربويين من التعامل بمرونة مع المستجدات المختلفة، والتي تمكنهم من اتخاذ القرارات السليمة، ووضع الإجراءات الصحيحة اللازمة في الوقت المناسب، والتعامل معها بمهنية عالية.

 

عندما يتسلح التربوي بالخبرات والمهارات والعلوم التي تصقل شخصيته، وتمكنه من تكوين بصيرة نافذة لحيثيات وأبعاد المواقف الصفية المختلفة، كل ذلك يمكنه من خوض تجارب صفية و تربوية ناجحة، تنعكس إيجاباً على مخرجات العملية التعليمية.

 

لا تزال العملية التعليمية تمر بمسيرة تجمع بين القديم والحديث. القديم وهو الإرث الذي لا ينضب من نظريات  وطرائق تدريس، واستراتيجيات وتقنيات تعلم مختلفة، ومفاهيم راسخة. والجديد الذي يجمع بين التكنولوجيا الحديثة، ودمجها بالممارسات التعليمية المختلفة.

 

كما أن المنظور الجديد لمستقبل عملية التعليم والتعلم بعد جائحة كورونا وضع التربويين تحت ضرورة مواكبة هذا التغيير، والعمل الجاد على التطوير المهني، بما يخدم الرؤية الجديدة والأحداث المستجدة.

 

مر التعليم بمراحل مختلفة عبر الأعوام الماضية؛ من التعليم التقليدي ثم التعاوني والتعلم النشط، ثم التعلم الجماعي المبني على المجموعات، والتعلم القائم على حل المشكلات وتحفيز عمليات التفكير العليا لدى المتعلمين، ثم دخلنا في عصر جديد، يعود التعليم فيه ليتجه نحو المتعلم كفرد بحد ذاته، فيظهر لنا تفريد التعليم والتعلم المتمايز وأيضاً التعلم الشخصي بشكل جديد، الذي يضع المتعلم كأولوية، فكل فرد يجب أن تلبى احتياجاته التعليمية، ليتمكن من التقدم والتطور بخط سير متناغم مع المخطط الزمني المخصص له.

 

لا يخفى على الجميع أن مدارسنا أصبحت تعج بطلبة من ثقافات وجنسيات وخلفيات دينية متعددة. هذا التنوع يفرض  علينا إيجاد معلميين متمرسين عارفين بطرق التعليم الجديدة، فيأخذ كل متعلم حقه من التعليم. ولا يتسنى لنا تحقيق الهدف المنشود إلا من خلال تطوير مهارات المعلمين في مختلف المجالات التي تلبي ذلك التنوع.

 

وبذلك فإن التنمية المهنية المستمرة للمعلمين يجب أن تنصب في تحقيق الأهداف التي تلبي احتياجات المتعلمين المختلفة، والتي تجعل المعلمين أكثر كفاءة.

 

نستطيع أن نقول أننا بذلنا الكثير من الجهود، لرفع الأداء العام على مستوى التطبيقي العملي، بالتركيز على الطالب على أساس أنه محور العملية التعليمية، اهتممنا بحاجاته وميوله الفسيولوجية من خلال تطبيق أفضل وأحدث طرائق التدريس. ولكن ربما تغافلنا عن كون المعلم هو المحرك الفعال للعملية التعليمية، وهو جوهرها و مكنونها الثمين. ذلك الإنسان الذي يعطي ويعطي من وقته وجهده من أجل أن تسير هذه العملية بشكل ناجح وفعال، وبالتالي تنعكس بشكل إيجابي على التلاميذ.

 

تعتبر عملية التنمية المهنية وتطوير الكادر التعليمي من مسؤولية المؤسسات التعليمية المختلفة. فلابد أن تتبع كل مؤسسة خطط عملية سنوية لتطوير كفاءة الأفراد لمواكبة التطورات المستمرة ضمن رؤية واضحة وعملية.


كتب: عبد البصير عيد

كاتب ومحلل تربوي

 
 
 

Recent Posts

See All

Comentários


Dubai UAE

00971 5​5656 6556 | info@gmail.com

  • Facebook
  • Instagram
  • Pinterest
bottom of page